إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله, فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلمَّا أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "قوموا عني" قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وبين أن يكتب ذلك لاختلافهم ولغطهم.
قال المازري: إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب, مع صريح أمره لهم بذلك؛ لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب، فكأنَّه ظهرت منه قرينة دلّت على أنَّ الأمر ليس على التحتم، بل على الاختيار، فاختُلِفَ اجتهادهم،