وأجيب: بأن المهلب أراد أن عيسى لما ثبت أنه سينزل كان كالمحقق، فقال: "كأني أنظر إليه" ولهذا استدل المهلب بحديث أبي هريرة الذي فيه: "ليهلن ابن مريم بالحج".
وقد اختلف في معنى قوله: "كأني أنظر إليه".
فقيل: إن ذلك رؤيا منام تقدمت له فأخبر عنها لما حج عندما تذكر ذلك، ورؤيا الأنبياء وحي.
وقيل: هو على الحقيقة؛ لأن الأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون. فلا مانع أن يحجوا في هذه الحالة، كما في صحيح مسلم عن أنس: أنه رأى موسى قائما في قبره يصلي.
قال القرطبي: حببت إليهم العبادة، فهم يتعبدون بما يجدونه من دوعي أنفسهم لا بما يلزمون به، كما يلهم أهل الجنة الذكر. ويؤيده أن عمل الآخرة ذكر ودعاء لقوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: 10] الآية.