أول الحال على أربعة أيام أتم، على خلاف بين أصحابه في دخول يومي الدخول والخروج فيها، أو: لا.
ولا معارضة بين حديث ابن عباس وحديث أنس؛ لأن حديث ابن عباس كان في فتح مكة، وحديث أنس كان في حجة الوداع. وفي حديث ابن عباس: قدم -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -يعني مكة- لصبح رابعه، ولا شك أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر فتكون مدة الإقامة، بمكة ونواحيها عشرة أيام بلياليها، كما قاله أنس، وتكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام سواء؛ لأنه قدم في اليوم الرابع وخرج منها في اليوم الثامن، فصلى الظهر في منى، ومن ثم قال الشافعي: إن المسافر إذا أقام ببلدة قصر أربعة أيام، فالمدة التي في حديث ابن عباس يسوغ الاستدلال بها على من لم ينو الإقامة بل كان مترددا، متى تهيأ له فراغ حاجته يرحل. والمدة التي في حديث أنس يستدل بها على من نوى الإقامة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- في أيام الحج كان جازما بالإقامة تلك المدة، ووجه الدلالة من حديث ابن عباس: لما كان الأصل في المقيم الإتمام فلما لم يجئ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أقام في حالة السفر أكثر من تلك المدة