فجواب عمر كان أولًا بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والآخرة، فأخبره بما اقتضاه الاختيار، فلذلك حصل الجواب بقوله: "الآن يا عمر" أي الآن عرفت فنطقت بما يجب.
وإذا كان هذا شأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله في محبتنا له ووجوب تقديمها على أنفسنا وأولادنا ووالدينا والناس أجمعين، فما الظن بمحبة الله تعالى ووجوب تقديمها على محبة ما سواه، ومحبة الله تعالى تختص عن محبة غيره قدرها وصفتها، وإفراده سبحانه وتعالى بها، فإن الواجب له من ذلك أن يكون أحب إلى العبد من ولده ووالده، بل من سمعه وبصره ونفسه التي بين جنبيه، فيكون إلهه الحق، ومعبوده أحب إليه من ذلك كله، والشيء قد يحب من وجه