فإن المعاني دون مرتبته، والأوصاف دون وصفه، وكل غلوٍّ في حقه تقصير، فيضيق على البليغ مجال النظم، وعند التحقيق إذا اعتبرت جميع الأمداح التي فيها غلوّ بالنسبة إلى من فرضت له وجدتها صادقة في حق النبي -صلى الله عليه وسلم، حتى كان الشعراء على صفاته يعتمدون, وإلى مدحه كانوا يقصدون، وقد أشار الأبوصيري بقوله: "دع ما ادعته النصاري في نبيهم" إلى ما أظرت النصارى به عيسى بن مريم من اتخاذه إليها.
قال النيسابوري: إنهم صحَّفوا في الإنجيل "عيسى نبي وأنا ولدته" فحرفوا الأول بتقديم الباء وخففوا اللام في الثاني، فلعنة الله على الكافرين.
فإن قلت: هل ادَّعى أحد في نبينا -عليه السلام- ما ادعى في عيسى؟
أجيب بأنهم قد كادوا أن يفعلوا نحو ذلك حين قالوا له -عليه السلام: أفلا