حقيقة التوحيد عند الصوفية

قال شيخ الإسلام:

"وإذا تبيّن أن غاية ما يقرره هؤلاء النظّار أهل الإثبات ـ للقدر، المنتسبون إلى السنة إنما هو توحيد الربوبية، وأن الله رب كل شيء، ومع هذا فالمشركون كانوا مقرين بذلك مع أنهم مشركون، وكذلك طوائف من أهل التصوف والمنتسبين إلى المعرفة والتحقيق والتوحيد، غاية ما عندهم من التوحيد هو شهود هذا التوحيد، وهو أن يشهد أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، لاسيما إذا غاب العارف عندهم بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، ودخل في فناء توحيد الربوبية بحيث يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل، فهذا عندهم هو الغاية التي لا غاية وراءها، ومعلوم أنّ هذا هو تحقيق ما أقرّ به المشركون من التوحيد، ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلماً، فضلاً عن أن يكون ولياً لله أو من سادات الأولياء.

وطائفة من أهل التصوف والمعرفة يقرُّون هذا التوحيد مع إثبات الصفات؛ فيفنون في توحيد الربوبية مع إثبات الخالق للعالم المبائن لمخلوقاته.

وآخرون يضمّون هذا إلى نفي الصفات فيدخلون في التعطيل مع هذا، وهذا شر من حال كثير من المشركين.

وكان جهم ينفي الصفات، ويقول بالجبر، فهذا تحقيق قول جهم، لكنه إذا أثبت الأمر والنهي، والثواب والعقاب، فارق المشركين من هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015