ذما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه، فلا يجوز أن يَشركه فيه مخلوق، ولا يُشركه مخلوق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وأما ما نفيتَه فهو ثابت بالشرع والعقل، وتسميتك ذلك تشبيهاَ وتجسيماً تمويه على الجهّال، الذين يظنون أن كل معنى سمّاه مسمٍّ بهذا الاسم يجب نفيه، ولو ساغ هذا لكان كل مبطل يسمي الحق بأسماء ينفر عنها بعض الناس، ليكذب الناس بالحق المعلوم بالسمع والعقل.

وبهذه الطريقة أفسدت الملاحدة على طوائف من الناس عقولهم ودينهم حتى أخرجوهم إلى أعظم الكفر والجهالة، وأبلغ الغيّ والضلالة.

وإن قال نفاة الصفات: إثبات العلم والقدرة والإرادة يستلزم تعدد الصفات، وهذا تركيب ممتنع.

قيل: وإذا قلتم: هو موجود واجب، وعقل عاقل ومعقول، وعاشق ومعشوق، ولذيذ وملتذ ولذة، أفليس المفهوم من هذا هو المفهوم من هذا؟، فهذه معانٍ متعددة متغايرة في العقل وهذا تركيب عندكم، وأنتم تثبتونه وتسمونه توحيداً.

فإن قالوا: هذا توحيد في الحقيقة وليس هذا تركيباً ممتنعاً.

قيل لهم: واتصاف الذات بالصفات اللازمة لها توحيد في الحقيقة وليس هو تركيباً ممتنعاً.

وذلك أنه من المعلوم بصريح المعقول أنه ليس معنى كون الشيء عالماً هو معنى كونه قادراً، ولا نفس ذاته هو نفس كونه عالماً قادراً، فمن جوّز أن تكون هذه الصفة هي الأخرى، وأن تكون الصفة هي الموصوف فهو من أعظم الناس سفسطة، ثم إنه متناقض، فإنه إن جوّز ذلك جاز أن يكون وجود هذا هو وجود هذا، فيكون الوجود واحداً بالعين لا بالنوع.

وحينئذٍ فإذا كان وجود الممكن هو وجود الواجب كان وجود كل مخلوق ـ يُعدم بعد وجود، ويُوجد بعد عدمه ـ هو نفس وجود الحق القديم الدائم الباقي الذي لا يقبل العدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015