شرح الرساله (صفحة 705)

عليها.

وإذا كانت الحقيقة في استعمال هذه اللفظة ما ذكرناه، ولم تكن هي المراد في هذا الموضع لم يكن لهم حمله على بعض ما يصلح أن يتحرز به فيه إلا ولنا حمله على غيره؛ لأن كل ذلك مجاز واتساع، مع أن ما نذكره هو الأسبق إلى فهم السامع؛ وهو أنا قد أتى بالمقصود الذي تفوت العبادة بفواته وإن لم يمنع ذلك من طروء الفساد كما ذكرناه في إدراك الصلاة مع الإمام.

ولأن الأمن من طروء الفساد لا يحصل عندنا إلا مع الفراغ من العبادة فالأمر يعود إلى ما ذكرناه من أن الحقيقة من الإتمام الاستيفاء والفراغ.

فأما قولهم: لأنه وقت قد أمن فيه من الفوات فلم يلحقه الفساد بالوطء كما لو وطأ بعد الرمي: فليس بصحيح؛ لأن الأمن من فوات الشيء لا يمنع طروء الفساد عليه؛ اعتباراً بالأصول كلها؛ ألا ترى أن العمرة وصوم الكفارة مأمون الفوات وغير مأمون الفساد؟

وكذلك إذا أدرك الصلاة مع الإمام فقد أمن فواتها معها، ومع ذلك يلحقها الفساد.

فإن قيل: هذا لا يلزم على ما قلنا؛ لأن العمرة لا تطرق للفوات عليها؛ فلم يمتنع أن يلحقها الفساد، وليس كذلك الحج؛ لأن الفوات يلحق فيه؛ فكان الأمن أمناً من الفساد.

قيل له: هذا باطل بالعمرة المنذورة في وقت معين؛ لأن الفوات يلحق فيها ثم لو أحرم آخر الشهر الذي قدرها فيها لكان قد أمن الفوات، ولم يأمن الفساد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015