شرح الرساله (صفحة 630)

الوجوب، وسيما إذا كانت بيانًا، وهذا موضع البيان؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم"؛ فدل ذلك على أن الطهارة شرط في الطواف.

ويدل على ذلك أيضًا ما رواه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قدمت مكة وأنا حائض فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهرين".

ووجه الاستدلال من هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منعها من الطواف لعلة الحيض؛ بدلالة أنه أباحها بإياه عند ارتفاعه.

وعلى نحو ذلك ما روى عن صفية في هذا الحديث أنها حاضت فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحابستنا هي؟ " فقالوا: إنها أفاضت. قال: "فلا إذا".

فاعتقد صلى الله عليه وسلم أن الحيض هو المانع للطواف؛ فدل ذلك على ما قلناه.

فإن قيل: لا دلالة لكم في هذا؛ لأن الحائض لا يجوز لها دخول المسجد؛ فلم يجز لها أن تطوف لهذا المعنى، لا لأن الطواف لا يصح منها وهي حائض.

قلنا: هذا خلاف الخبر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل المنع من ذلك بالحيض؛ بدليل أنه علل إباحته بارتفاعه. وعلى قولهم أن علة المنع امتناعها من دخول المسجد، وهذا خلاف الخبر، ومن سلم منهم أن الطهارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015