ففي هذا الخبر أدلة:
أحدهما: فعله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: مورد البيان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم".
والثالث: قوله: "اسعوا" فهذا أمر، وهو على وجوبه.
والرابع: إخباره بإيجاب الله تعالى ذلك علينا بآكد ألفاظ الوجوب وأبلغها؛ وهو المكتوب.
فإن قيل: ليست في الخبر أكثر من أنه واجب، ونحن نقول بذلك.
ولأن خلافنا في أن الدم ينوب عنه إذا تركه أو لا، وليس في الخبر ما ينفى ذلك.
فالجواب عن هذا جوابان:
أحدهما: أن الخبر يفيد وجوب السعي فرضًا مكتوبًا حتمًا، وهم لا يقولون بذلك. وإذا ثبت كونه فرضًا مكتوبًا اقتطع بذلك ألا يسقط عنه إلا بفعله له، وعندهم أنه يسقط بالدم، وهذا يخرجه عن كونه فرضًا.
والثاني: أنه لو سلمنا أنه يفيد الوجوب فقط لكان إيجابه يقتضي إيجاده، وأن لا يقوم غيره مقامه إلا بدليل.
فإن قيل: إن الخبر يوجب السعي؛ وهو مشى على صفة، وقد اتفقنا على أن المشي على تلك الصفة ليس بركن، وهو الذي ورد به الخبر؛ فسقط التعلق به.
فالجواب: أن السعي المراد بالخبر هو المشي بين الصفا والمروة على صفة