المسجد: اقصد البيت، كما يصح أن يقال لمن هو في ناحية من نواحى مكة: اقصد موضع كذا لناحية أخرى منها.
وإذا كان كذلك بطل ما قالواه.
والوجه الآخر: أنا لو سلمنا هذا لم يضر؛ وذلك أنه إنما كان يمتنع ما قالوه لو كان قوله تعالى:} ولله على الناس حج البيت {يوجب قصد اللغوي حتى يقال: إنه لا يصح أن يقال لفاعل الشيء في حال فعله: افعله، كما لا يقال للقائم: قم، وللقاعد: اقعد؛ فالمراد به غير ما وضع له في الغة؛ وهي أفعال مخصوصة تشتمل على الطواف والسعي والوقوف وغير ذلك؛ فلا يكون الخطاب الموضوع في اللغة؛ يبين ذلك أن مجرد اقصد إلى البيت في اللغة لا يلزم به طوافه ولا السعي ولا الوقوف بعرفة.
وقد اتفقنا على أن قوله: ولله على الناس حج البيت يتضمن هذا أجمع؛ فثبت أن المراد به غير ما وضع له الاسم في اللغة.
وإذا صح هذا بطل ما قالوه.
والاعتبار الآخر أن قالوا: نحن نسلم أن الآية عامة في أهل مكة وغيرهم، وكذلك يجب أن يكون البيان، إلا أن الدلالة منعت من حمل البيان على عمومه؛ فصار كالعموم الذي ظاهره الاستغراق؛ فينتقل عنه بالدليل.
فيقال لهم: أولى في هذا بطلان قولكم أن السائل سأل عن السبيل المذكور في الآية؛ على أن البيان إذا تخصص خرج عن أن يكون بيانًا،