فصل
قال: وإمكان المسير من شروط وجوب الحج، وذلك يختلف باختلاف الأوقات والعادات؛ فإذا أمكنه الوصول إلى البيت على ما جرت به عادة الناس لزمه ذلك.
فإن كان في طريقه عدو وقد تحقق أمره، وعلم أنه لا طاقة له به بطلب النفوس والأموال والغارة وما أشبه ذلك فلا يلزم الحج؛ لقوله تعالى:} ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة {، ولقوله:} ولا تقتلوا أنفسكم {.
ولأنه لما كان إن أحصر بعدو بعد أن أحرم بالحج يُحل منه، ولا يلزمه بعد التلبس به القضاء فيها ولا قضاؤه؛ فكذلك قبل الدخول فيه؛ بل هو أولى. فأما إن علم من حال هذا العدو أنه إنما يطلب شيئًا من المال ويمكن الناس من الخروج ويسلمون منه مع بذل ما يطلبه فذلك على وجهين:
إن كل الذي يطلب أمرًا يخرج عن العادة في العظم والكثرة وقدر الجحف ويؤثر فذلك مسقط لتطيق الوجوب ما دام هذا العدو قائمًا ولا طريق إلى الحج إلا عليه.
وإن كان الذي يطلبه قدرًا لا يؤثر فيها لكونه يسيرًا لم يسقط بذلك فرض الحج.
وكان القاض أبو عبد الله البصري المالكي المعروف بفلفل يقول: إذا لم