ترجيح أخبارنا على أخبارهم.
فإن قالوا: من روى الترتيب فقد ذكر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ومن روى التخيير فإنما نقل فعله، ورواية من روى القول أولى.
قلنا: إذا كنا نتفق أن قول الصحابي: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، ونهى عن كذا) في لزوم الحجة به بمنزلة أن ينقل اللفظ الذي به أمر سقط ما قلتم.
على أن من رواة التخيير من ذكر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو ما ذكرناه من حديث عمر بن عثمان المخزومي.
هذا مع تسليم أن أخبارهم مرتبة، وإلا فالوجه منع ذلك؛ لأن للترتيب حروفا تختص به: كالفاء، وثم، وغير ذلك.
وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، وإنما قال الأعرابي: لا أجد؛ فقال: فافعل كذا، ولم يقل صلى الله عليه وسلم: إن لم تجد كذا فكذا.
فإن قيل: تقديره كأنه قال: إن لم تجد العتق فصم شهرين.
قيل له: لم وجب أن يكون هذا تقديره وهذه دعوى لا دليل عليها؟
فإن قيل: يحتمل خبركم أن يكون صلى الله عليه وسلم علم ما آل أمره إليه؛ وهو أنه لا يقدر على العتق ولا الصوم فأمره بالإطعام؛ بدلالة خبرنا.
قيل له: هذا باطل؛ لأنه خيره بين الجمع على حد واحد، ومن ليس بقادر على العتق لا يقال له:
إن شئت فأعتق.
فإن قيل: من ليس هو من أهل العتق إذا تطوع بالعتق أجزأه.