شرح الرساله (صفحة 272)

الفطر؛ ألا ترى أن الجماع الذي يتفق على أنه يؤثر في الكفارة إذا وجدناه غير موجب لها لم يكن ذلك إلا لأمرين يرجع إلى المفطر من كونه غير هاتك ومعذورا، وما أشبه ذلك؛ فبان بما قلناه أن الاعتبار في وجوب الكفارة وسقوطها بحال المفطر لا بما به يقع الفطر.

وهذا يصلح أن يجعل دليلا مبتدءا وجوابا عن سؤالهم.

وكذلك حال الكفارات في غير الصوم أيضا.

ويوضع ذلك أيضا أن الكفارة في هذا الموضع طريقها التغليظ والعقوبة، ووقوع الفطر على وجه ممنوع بأمر ممنوع محظور أولى بأن يتعلق به وجوب الكفارة من وقوعه بأمر مباح لو لم يكن على هذا الوجه.

وقد ثبت أن الإفطار بجماع الزوجة والأمة الذي هو مباح في غير الصوم أخف حكما من الإفطار بشرب الخمر، فإذا كانت الكفارة واجبة به كانت بأن تجب بشرب الخمر أولى.

فأما وقوع الفعل من شخصين فلا مدخل له في تغليظ ولا تخفيف؛ فسقط اعتباره.

وأيضا فلما أوجب مخالفنا الإطعام على الحامل والمرضع وإن كانتا معذرتين بالإفطار لكونهما مفطرتين من أجل غيرهما لا من أجل نفسيهما، وكان هذا عنده أمرا مؤثرا في وجوب الإطعام مع كونه عذرا يبيح الإفطار كان الأكل عامدا قاصدا للهتك أولى بذلك؛ لأنه ابعد عن العذر ممن ذكرناه.

فأما قولهم: إنه أفطر بسبب لا يجب عليه الحد بحال والمستقئ عامدا فلا يؤثر على قولهم؛ لأن شرب الخمر وغيره من المسكر يوجب الحد عندنا وعندهم، ولا كفارة عليه عندهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015