شرح الرساله (صفحة 179)

إذنه معنى؛ لأنه كان يصلي إلى حاجته، ولم يكن دخولها في الصوم مانعا لها من ذلك، وليس يجوز أن يكون الأمر واجبا من أجل ما ليس بواجب. وإذا صح هذا بطل ما قالوه.

ويدل على ذلك ما رواه ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن عبد [الواحد] بن زيد عن عبادة بن نسي قال: دخلت على شداد وهو يبكي قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت في وجهه شيئا؛ فقلت يا رسول الله: ما هذا الذي أرى في وجهك؟ فقال: "أمران أتخوفهما على أمتي من بعدي: الشرك، والشهوة الخفية؛ أما إنهم لا يعبدوه شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا، ولكنهم يراءون بأعمالهم".

قلت: يا رسول الله، أشرك هذا؟ قال: نعم. قلت: وما الشهوة الخفية؟ قال: "يصبح أحدهما صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيواقعها ويدع صومه".

ووجه الاستدلال من هذا الخبر هو أنه حذر من ترك الصوم اختيارا، وأخبر عن شدة خوفه عنه على من يفعله.

وهذا أقوى دليل في المنع منه؛ لأنه لو كان مخيرا بين إتمامه وقطعه لم يكن يحذر منه كما لا يحذر من ترك سائر المباحات أو المندوبات، وإنما يشتد الخوف بترك الواجبات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015