ولهذا عقد البخاري رحمه اللَّه في صحيحه: باب الدعاء غير مستقبل القبلة. قال القرطبي: والدعاء حسن كيفما تيسر، وهو المطلوب من الإنسان؛ لإظهار وضع الفقر والحاجة إلى اللَّه - عز وجل -، والتذلل له والخضوع، فإن شاء استقبل القبلة ورفع يديه فحسن، وإن شاء فلا، فقد فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حسبما ورد في الأحاديث (?).
وهذا أدب عظيم يدلّ على ذُلِّ الداعي، واستكانته، وخضوعه بين يدي خالقه العظيم يمد يديه إليه راغباً راهباً، طامعاً بنزول بركاته، وخيراته، ونعمائه الجليلة، وكلما عظمت حاجة المخلوق، واشتدت رغبته، زاد في إلحاحه، وبالغ في رفع يديه متذللاً متوسلاً، وقد جاء رفع اليدين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة حتى عدها بعض أهل العلم في جملة ما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
وقد تقدم في فضائل الدعاء ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْن)) (?).