وقد اختلف العلماء في حكمها على قولين: القول الأول: إن الأصل فيها المنع والحرمة، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله في الصحيح: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى) وأصل النهي للتحريم.
واستدلوا أيضاً بحديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها إنها قالت: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقى.
قالوا: والترخيص لا يكون إلا بعد المنع.
فهذه دلالة واضحة على أن الأصل في الرقى المنع.
القول الثاني: الأصل في الرقى الإباحة، إلا ما دل الدليل على منعه، واستدلوا على ذلك بحديث عمرو بن حزم، قال: إن أناساً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! أنهيت عن الرقى؟ فقال: (اعرضوا علي رقاكم، فلا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، فإذا جاءك الحديث فلك فيه طريقان: إثبات سنده، وفهم متنه -ووجه الشاهد هو: قوله صلى الله عليه وسلم: (ما لم تكن شركاً) ووجه الدلالة: كأنه يقول: الأصل في الرقى أنها صحيحة، ولكن إعرض علي حتى أنقي لك ما لم يكن شركاً.
إذاً: ففي المسألة قولان، أرجحهما القول الأول، وهو: أن الأصل في الرقى المنع لا الإباحة، والحديث الأول ظاهر في أنه رخص، والحديث الثاني: نهى النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الرقي.
فلو كانت على الإباحة لما أشترط فيها شروطاً؛ لأن العلماء أجمعوا على أنه لابد أن تجتمع شروط في الرقى حتى تكون مباحة، ولو كانت مباحة فإنها لا تقيد بقيود فالصحيح: أنها على المنع؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وأيضا لقوله: رخص في الرقى، والترخص يأتي بعد المنع؛ وهناك المستثنيات من المنع، وهي: الرقى بكلام الله، أو الرقى بأسماء الله وصفاته وأفعاله، أو الرقى بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، فكل هذه مستثناه.