ضبطت الشفاعة بضوابط واشترط لها شروطاً حتى تتم عند الله عز وجل، ومن هذه الشروط: الشرط الأول: الإذن للشافع، قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] أي: لا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه، وهذا عند أهل البلاغة يسمى أسلوب حصر: (من) و (إلا)، أي: لا يشفع أبداً (نفي)، إلا من أذن له الرحمن سبحانه جل في علاه (إثبات).
الشرط الثاني: الرضا، أي: لابد أن يرضى عن الشافع والمشفوع له, فرضاه سبحانه عن الشافع تأتي ضمناً للإذن.
والرضا عن المشفوع له؛ لقول الله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:28] أي: ارتضى عن المشفوع له وعن الشافع.
فهذه هي شروط وقيود وضوابط للشفاعة التي أباحها الله جل في علاه؛ لأن الله نفى نفياً تاماً أن تكون هناك شفاعة، قال الله تعالى: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة:123] وأيضاً قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} [البقرة:254]، فنفى الشفاعة، ثم استثنى من هذا النفي العام شفاعة يرضاها الله جل في علاه، ويأذن للشافع أن يشفع فيها.