ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء يحذر الأمم بأسرها من الشرك، ويسد باب الشرك ويحفظ جناب التوحيد، ويسد كل طريق يصل بالإنسان إلى الشرك، فإنه عندما سمع خطيباً يقول: ما شاء الله وشئت.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم (بئس خطيب الأمة أنت، أجعلتني لله نداً؟ قل ما شاء الله ثم شئت) أي: ولا تقول: ما شاء الله وشئت، مع أن الله قد بين أن مشيئة العباد تبعاً لمشيئة الله، فقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان:30].
ولكن لما كانت اللفظة موهمة للتساوي قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بئس خطيب الأمة أنت، أجعلتني لله نداً؟)، حسماً لمادة الشرك، وسداً لكل طريق يصل بالإنسان إلى تعظيم مخلوق، ورفعه إلى مكانة تعظيم الله جل في علاه، ولو كان المخلوق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما دخل صلى الله عليه وسلم على القوم فقالوا: أنت خيرنا وابن خيرنا، أو أنت سيدنا وابن سيدنا.
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم (قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان)، أي: حتى لا تغلو.
وكان يقول: (لا تطروني)، وهذا نهى عن الغلو في الدين فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) وذلك سداً لباب الشرك، وسداً للذريعة.
وأيضاً: سداً للذريعة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمنع من اتخاذ القبور مساجد.