القسم أو اليمين لغة: مأخوذ من اليد؛ لأن الواحد يأخذ بيد صاحبه أو بيمين صاحبه لتعقد اليمين.
وشرعاً: ذكر معظم لتوكيد حكم مذكور على وجه مخصوص.
فقولنا: (ذكر معظم)، أي: لا يوجد أحد أعظم من الله جل في علاه، وقولنا: (لتوكيد حكم)، أي: كأن يقول: والله ما أخذت هذا المال، وقولنا: (على وجه مخصوص)، أي: يسبقه بواو أو باء أو تاء، فيقول الحالف مثلاً: والله ما أخذت الدرر، أو يقول: تالله ما فعلت كذا، وبالله لأفعلن كذا، فهو ذكر معظم ولا أحد أعظم من الله جل في علاه كما بينا، وقلنا: (ذكر معظم) فأطلقنا هذه العبارة؛ لنفرق بين من عظم الله وعظم مخلوقاً فأنزله منزلة الله، ولذلك أطلقناه، فما قلنا: (ذكر الله)، بل قلنا: ذكر معظم؛ لأن المعظم عند المؤمنين هو الله جل في علاه، والنصارى يعظمون المسيح على أنه الله أو ابن الله والعياذ بالله، واليهود يعظمون عزيراً، وعند أهل التصوف الذين غمسوا في الشركيات يعظمون الأولياء عن الله جل في علاه كما سنبين.
وقولنا في القسم شرعاً: هو ذكر معظم، هذا فيه إطلاق حتى نبين أنها تقع على ناحيتين، أي: على الله وعلى غيره، ولا أعظم من الله جل في علاه، وقولنا: لتوكيد حكم مذكور على وجه مخصوص، أي: نحو بالله وتالله ووالله، وإن كان القسم تعظيماً فهو عبادة، أي: إن كان القسم إشعاره وركنه وأسه وأساسه هو التعظيم، فهو إذاً عبادة، وفي الحديث: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) فهذا أمر، والله لا يأمر إلا بما يحب، وما أحبه الله كان عبادة.
وأيضاً: تعريفنا سابقاً للعبادة، وذلك أننا قلنا: للعبادة ركنان هما: غاية الحب والذل، وغاية التعظيم، إذاً: فالتعظيم ركن العبادة الركين، والقسم لا يكون إلا بمعظم، وكذا الشق الثاني وهو: غاية الذل لله جل في علاه يظهر في امتثال أوامره بأن لا يقسم إلا به.
فالغرض المقصود يبقى إذاً هو التعظيم لله جل في علاه، فلا بد من ذكر معظم أو السكوت في القسم، وسنبين أن له قيود وشروط.