فإذا علم بالضرورة أن باب الأسماء والصفات مقرر في القرآن والسنة النبوية فإن هذا البيان القرآني النبوي تلقاه الصحابة رضي الله عنهم وفقهوه، والدليل على أنهم تلقوه وفقهوه على التحقيق -أي: كما أراد الله سبحانه وتعالى - أن الله أثنى عليهم بالعلم والإيمان في كتابه، وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه، ويمتنع أنه سبحانه يثني بهذه المقامات على من لم يفقه ما يتعلق بمسائل أصول الديانة، وبأخص ما يتعلق بمعرفة الباري سبحانه وتعالى، وإذا تحقق فقه الصحابة لهذا الباب فإن الصحابة بلغوه التابعين، ويمتنع عدم ذلك بأنه لا يقع إلا من جاهل أو قاصد كتمان الحق، والصحابة منزهون عن الجهل في هذا الباب، منزهون عن قصد كتمان الحق.
وفي زمن التابعين ظهرت مقالة تعطيل الصفات فأبطلها أئمة التابعين بما هو معروف في كتب السنة المسندة، وهذا متواتر في كلام الأئمة، وهذا يدل على أن القول الذي اتخذه هؤلاء الأئمة في مقابل قول الجهمية هو الحق الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فهذا هو إسناد مذهب أهل السنة: أنه ينتهي إلى هؤلاء الأئمة الذين تلقوا عن الصحابة، المتلقين عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.