[ممن لم يقدر قدر السلف، بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها من أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم].
هذه مقالة متناقضة؛ لأن السلامة نتيجة والعلم مقدمة، بمعنى أن العلم يورث السلامة، فإذا قيل: إن مذهب السلف أسلم -أسلم عند الله وأسلم اعتقاداً- لزم أن يكون مبنياً على علم صحيح، وإذا قيل: إن مذهب الخلف أعلم.
لزم أن يكون أسلم؛ لأن من حقق العلم فقد أصاب السلامة في دينه وأصاب مقصود الله ومراده سبحانه وتعالى، أما القول بأن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم فإن هذا تناقض.
وبهذا يتبين أن هذه المقالة متناقضة تماماً، فهو أعطى النتيجة للسلف وأعطى المقدمة للخلف، وإلا فإن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم، وما خالفه يمتنع أن يكون أسلم ويمتنع أن يكون أعلم وأحكم؛ فمن هنا وصف المصنف هذه المقالة بأنها مقالة بعض الأغبياء.
وقد شاع ذكر هذه الجملة في كلام كثير من متأخري المتكلمين ومن وافقهم من أصحاب الأئمة.
وسبب قولنا: ومن وافقهم من أصحاب الأئمة؛ هو أن المتأخرين من المتكلمين كالأشعرية -مثلاً- هم باعتبار إمامهم -أعني: أبا الحسن الأشعري - أو حتى أتباعه ينتسبون لأحد المذاهب الأربعة، فجمهور الأشعرية إما شافعية من جهة النسبة الفقهية أو مالكية، وفيهم طائفة من الحنفية، فهؤلاء صاروا يطلقون هذه العبارة أو ما هو بمعناها من أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.