[وكذلك قولههم في أحاديث الصفات: إن معناها لا يعلمه إلا الله.
مع أن الرسول تكلم بها ابتداءً، فعلى قولهم تكلم بكلام لا يعرف معناه، وهؤلاء يظنون أنهم اتبعوا قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [آل عمران:7].
إذاً: طريقة التفويض طريقة باطلة قطعاً؛ لأنه إذا قيل: إن المعنى مفوض، فهنا يقع السؤال: هل هو مفوض والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمه أو لا يعلمه؟
فهنا لهم طريقان:
إما أن يقولوا إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم المعاني.
وهذا لا شك أنه نقص في مقام النبوة؛ ويكون القرآن قد جاء باحتياطات لا يعرف معناها حتى النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون القرآن على هذا جاء بظاهر لا يليق بالله ولا يستطيع أحد أن يعرف المقصود به حتى الأنبياء، وهكذا في غير القرآن والكتب السماوية.
أو يقولوا: إن النبي يعرف المعنى.
فهنا يقال: فإن كان هذا المعنى الذي عرفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الحق إما أن يكون بينه أو لم يبينه، فإن لم يبينه فقد كتم الحق، وإن كان بينه فإن البيان وقع في أصحابه ومن بعدهم ممن أخذ عن الصحابة.