قال المصنف رحمه الله: [ثم هم هاهنا فريقان: أكثرهم يقولون: ما لم تثبته عقولكم فانفوه.
ومنهم من يقول: بل توقفوا فيه، وما نفاه قياس عقولكم - الذي أنتم فيه مختلفون ومضطربون اختلافاً أكثر من جميع من على وجه الأرض - فانفوه، وإليه عند التنازع فارجعوا].
يبين المصنف رحمه الله في هذا المقام أصناف المخالفين في تقريرهم لباب الأسماء والصفات، فيقول: إنهم فريقان:
الأول: وهم الذين يرون نفي ما لم يثبته العقل ..
وهذا مذهب أكثرهم.
الثاني: وهم الذين يرون التوقف فيما لم يثبته العقل.
إذاً: وقع الاختلاف فيما لم ينفه العقل، أما ما نفاه العقل فإن المتكلمين - سواء كان المتكلم من المعتزلة أو من الأشعرية والماتريدية وغيرهم- متفقون على أن ما تحصل نفيه بالدليل العقلي فإنه يصار إلى نفيه؛ ولهذا نفت الأشاعرة الصفات الفعلية على هذا الوجه، وأما ما لم يدل الدليل على نفيه - أي: الدليل العقلي- فمنهم من يرى التوقف فيه، ومنهم من يرى نفيه، وهذا هو الذي عليه أكثر المتكلمين من المعتزلة ومن وافقهم من متكلمة الصفاتية.
فهذا هو الصنف الأول والصنف الثاني من المتكلمين في هذا الباب.