الْمَبِيعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ بِأَلْفٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْثُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْحُرَّ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا فَيَصِيرُ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِلَا مُشَابَهَةِ النَّسْخِ، فَيَكُونُ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ شَرْطًا لِقَبُولِ الْمَبِيعِ
(فَصْلٌ فِي أَلْفَاظِهِ، وَهِيَ إمَّا عَامٌّ بِصِيغَتِهِ، وَمَعْنَاهُ كَالرِّجَالِ، وَإِمَّا عَامٌّ بِمَعْنَاهُ، وَهَذَا إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاسِدًا بِنَاءً عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ صَيْرُورَةُ قَبُولِ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ شَرْطًا لِقَبُولِ الْمَبِيعِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ كَوْنَ مَحَلِّ الْخِيَارِ غَيْرُ مَبِيعٍ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ شَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ.
وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ شَبَهِ النَّسْخِ فَهُوَ مَبِيعٌ لِكَوْنِهِ دَاخِلًا فِي الْإِيجَابِ، فَيَكُونُ قَبُولُهُ شَرْطًا صَحِيحًا بِخِلَافِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ الْمُصَرَّحِ بِاسْتِثْنَائِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَبِيعٍ أَصْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ فِي صُورَةِ مَعْلُومِيَّةِ مَحَلِّ الْخِيَارِ وَالثَّمَنِ جِهَةُ كَوْنِهِ مَبِيعًا حَتَّى لَا يَفْسُدَ الْبَيْعُ رِعَايَةً لِشَبَهِ النَّسْخِ، وَفِي غَيْرِهَا جِهَةُ كَوْنِهِ غَيْرَ مَبِيعٍ حَتَّى يَفْسُدَ رِعَايَةً لِشَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ.
(قَوْلُهُ فَصْلٌ فِي أَلْفَاظِهِ) أَيْ فِي أَلْفَاظِ الْعَامِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ فَسَّرَ قَوْلَهُ، وَمِنْهَا بِقَوْلِهِ أَيْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعَامِّ، وَالْأَوْلَى أَلْفَاظُ الْعُمُومِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، قَوْلُهُ وَهِيَ (إمَّا لَفْظٌ عَامٌّ بِصِيغَتِهِ، وَمَعْنَاهُ) بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَجْمُوعًا وَالْمَعْنَى مُسْتَوْعَبًا سَوَاءٌ وُجِدَ لَهُ مُفْرَدٌ مِنْ لَفْظِهِ كَالرِّجَالِ أَوْ لَا كَالنِّسَاءِ، وَإِمَّا عَامًّا بِمَعْنَاهُ فَقَطْ بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُفْرَدًا مُسْتَوْعِبًا لِكُلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَامُّ عَامًّا بِصِيغَتِهِ فَقَطْ إذْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِ الْمَعْنَى، وَهَذَا أَيْ الْعَامُّ بِمَعْنَاهُ فَقَطْ إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ مَجْمُوعَ الْأَفْرَادِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ كُلَّ وَاحِدٍ، وَالْمُتَنَاوِلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَهُ عَلَى سَبِيلِ الشُّمُولِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَجْمُوعِ الْآحَادِ لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَحَيْثُ يَثْبُتُ لِلْآحَادِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَجْمُوعِ كَالرَّهْطِ اسْمٌ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ لَا تَكُونُ فِيهِمْ امْرَأَةٌ وَالْقَوْمُ اسْمٌ لِجَمَاعَةِ الرِّجَالِ خَاصَّةً فَاللَّفْظُ مُفْرَدٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُثَنَّى، وَيُجْمَعُ، وَيُوَحَّدُ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَيْهِ مِثْلُ: الرَّهْطُ دَخَلَ، وَالْقَوْمُ خَرَجَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَوْمَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ قَامَ فَوُصِفَ بِهِ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الرِّجَالِ خَاصَّةً لِقِيَامِهِمْ بِأُمُورِ النِّسَاءِ ذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا تَأْوِيلَ مَا يُقَالُ إنَّ قَوْمًا جَمْعُ قَائِمٍ كَصَوْمٍ جَمْعُ صَائِمٍ، وَإِلَّا فَفِعْلٌ لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْجَمْعِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَنَاوِلٌ لِجَمِيعِ آحَادِهِ لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ قَالَ الرَّهْطُ أَوْ الْقَوْمُ الَّذِي يَدْخُلُ هَذَا الْحِصْنُ فَلَهُ كَذَا فَدَخَلَهُ جَمَاعَةٌ كَانَ النَّقْلُ لِمَجْمُوعِهِمْ، وَلَوْ دَخَلَهُ وَاحِدٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَإِنْ قُلْت فَإِذَا لَمْ يَتَنَاوَلْ كُلَّ وَاحِدٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدِ مِنْهُ فِي مِثْلِ جَاءَنِي الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا، وَمِنْ شَرْطِهِ دُخُولُ الْمُسْتَثْنَى فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ قُلْت يَصِحُّ