ذَلِكَ الْقَدْرِ فَقَطْ (حَتَّى لَا يَكُونَ الْعَامُّ عَامًّا مُخَصَّصًا) ، بَلْ يَكُونُ قَطْعِيًّا فِي الْبَاقِي لَا كَالْعَامِّ الَّذِي خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ.

[فصل قصر العام على بعض ما تناوله]

(فَصْلٌ: قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ) أَيْ: بِكَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِصَدْرِ الْكَلَامِ وَلَا يَكُونُ تَامًّا بِنَفْسِهِ، وَالْمُسْتَقِلُّ مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ كَلَامًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. (وَهُوَ) أَيْ: غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ. (الِاسْتِثْنَاءُ وَالشَّرْطُ وَالصِّفَةُ وَالْغَايَةُ) فَالِاسْتِثْنَاءُ يُوجِبُ قَصْرَ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَالشَّرْطُ يُوجِبُ قَصْرَ صَدْرِ الْكَلَامِ عَلَى بَعْضِ التَّقَادِيرِ، نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَالصِّفَةُ تُوجِبُ الْقَصْرَ عَلَى مَا يُوجَدُ فِيهِ الصِّفَةُ، نَحْو: فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ، وَالْغَايَةُ تُوجِبُ الْقَصْرَ عَلَى الْبَعْضِ الَّذِي جَعَلَ الْغَايَةَ حَدًّا لَهُ، نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَنَحْوَ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] . (أَوْ بِمُسْتَقِلٍّ وَهُوَ) أَيْ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنَاوُلُهُ لِلْخَاصِّ الْمُتَأَخِّرِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَكُونَ) تَفْرِيعٌ عَلَى جَعْلِ الْخَاصِّ الْمُتَرَاخِي نَاسِخًا لَا مُخَصِّصًا يَعْنِي: يَكُونُ الْعَامُّ فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْخَاصُّ قَطْعِيًّا لَا ظَنِّيًّا كَمَا إذَا كَانَ الْخَاصُّ الْمُتَأَخِّرُ مَوْصُولًا بِهِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ

[فَصْلٌ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ]

(قَوْلُهُ فَصْلُ قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ) تَخْصِيصٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ، أَوْ بِمُسْتَقِلٍّ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ، بَلْ إنْ كَانَ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ بِإِنْ وَمَا يُؤَدِّي مُؤَدَّاهَا فَشَرْطٌ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ بِإِلَى وَمَا يُفِيدُ مَعْنَاهَا فَغَايَةٌ وَإِلَّا فَصِفَةٌ نَحْوُ «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» أَوْ غَيْرِهَا، نَحْوَ جَاءَنِي الْقَوْمُ أَكْثَرُهُمْ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالثَّانِي هُوَ التَّخْصِيصُ سَوَاءٌ كَانَ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الْحِسِّ أَوْ الْعَادَةِ أَوْ نُقْصَانِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَوْ زِيَادَتِهِ، وَفُسِّرَ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ بِكَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِصَدْرِ الْكَلَامِ وَلَا يَكُونُ تَامًّا بِنَفْسِهِ لَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ شَامِلٍ لِلشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْجَزَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَا جَاءَنِي إلَّا زَيْدًا أَحَدٌ لِتَعَلُّقِهِمَا بِآخِرِ الْكَلَامِ لَا بِصَدْرِهِ وَلَا لِلْوَصْفِ بِالْجُمَلِ، نَحْوُ لَا تُكْرِمْ رَجُلًا أَبُوهُ جَاهِلٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بِمِثْلِ لَيْسَ زَيْدًا وَلَا يَكُونُ زَيْدًا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِصَدْرِ الْكَلَامِ مَا هُوَ مُتَقَدِّمٌ فِي الِاعْتِبَارِ سَوَاءٌ قُدِّمَ فِي الذِّكْرِ أَوْ أُخِّرَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الشَّيْءِ أَوَّلًا، ثُمَّ إخْرَاجُ الْبَعْضِ مِنْهُ أَوْ تَعْلِيقُهُ وَقَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ التَّقَادِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الْغَيْرِ التَّامِّ مَا لَا يُفِيدُ الْمَعْنَى لَوْ ذُكِرَ مُنْفَرِدًا، وَالْجُمَلُ الْوَصْفِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ بِمِثْلِ لَيْسَ زَيْدًا وَلَا يَكُونُ زَيْدًا كَذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى مَرْجِعِ الضَّمِيرِ، فَإِنْ قُلْت لَا مَعْنَى لِلْقَصْرِ إلَّا ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِلْبَعْضِ، وَنَفْيَهُ عَنْ الْبَعْضِ، وَهَذَا قَوْلٌ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ وَالشَّرْطِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ قُلْت، بَلْ الْمُرَادُ هَاهُنَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْبَعْضِ وَلَا يَدُلُّ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا حَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015