الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَنَحْنُ نَقُولُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الطُّهْرَ لَبَطَلَ مُوجِبُ الْخَاصِّ وَهُوَ لَفْظُ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الطُّهْرَ، وَالطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ فَالطُّهْرُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ إنْ لَمْ يُحْتَسَبْ مِنْ الْعِدَّةِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ وَبَعْضٌ وَإِنْ اُحْتُسِبَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ طُهْرَانِ وَبَعْضٌ.
(عَلَى أَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ لَيْسَ بِطُهْرٍ وَإِلَّا لَكَانَ الثَّالِثُ كَذَلِكَ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِمَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا اُحْتُسِبَ يَكُونُ الْوَاجِبُ طُهْرَيْنِ وَبَعْضًا، بَلْ الْوَاجِبُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ طُهْرٌ فَإِنَّ الطُّهْرَ أَدْنَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الطُّهْرِ وَهُوَ طُهْرُ سَاعَةٍ مَثَلًا فَنَقُولُ فِي جَوَابِهِ إنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ لَيْسَ بِطُهْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ فَرْقٌ فَيَكْفِي فِي الثَّالِثِ بَعْضُ طُهْرٍ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا مَضَى مِنْ الثَّالِثِ شَيْءٌ يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ، وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَهَذَا الْجَوَابُ قَاطِعٌ لِشُبْهَةِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ تَفَرَّدْت
ـــــــــــــــــــــــــــــQحِيَضٍ وَبَعْضٍ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ.
(قَوْله عَلَى أَنَّ بَعْضَ الطُّهْرِ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَوْجِيهُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ الطُّهْرُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ كَانَ الْوَاجِبُ الطُّهْرَيْنِ، وَبَعْضًا لَا ثَلَاثَةً، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ الطُّهْرُ اسْمًا لِمَجْمُوعِ مَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، بَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى يُطْلَقَ عَلَى طُهْرِ سَاعَةٍ مَثَلًا وَتَوْجِيهُ الْجَوَابِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ أَنَّ الطُّهْرَ إنْ كَانَ اسْمًا لِلْمَجْمُوعِ فَقَدْ ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا سَالِمًا عَنْ الْمَنْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لُزُومُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ، بَلْ نَاقِلٍ ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَأَكْثَرَ بِاعْتِبَارِ السَّاعَاتِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اسْمًا لِلْمَجْمُوعِ لَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فِي صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْبَعْضِ، فَيَلْزَمُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمُضِيِّ شَيْءٍ مِنْ الطُّهْرِ الثَّالِثِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى انْقِضَائِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ الطُّهْرُ حَالَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَدَدِ إلَّا بِاعْتِبَارِ انْقِطَاعِهِ بِالْحَيْضِ كَسَائِرِ الْأُمُورِ الْمُسْتَمِرَّةِ، مِثْلَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَإِنَّهَا لَا تَتَّصِفُ بِأَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ إلَّا عِنْدَ انْقِطَاعِهَا بِالْأَضْدَادِ وَكَوْنُ كُلِّ بَعْضٍ مِنْ تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ طُهْرًا لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ طُهْرًا وَاحِدًا فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ كُلُّ بَعْضٍ مِنْهُ طُهْرًا وَاحِدًا وَلَا يَلْزَمُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، بَلْ الْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مِنْ الْأَوَّلِ قَدْ انْقَطَعَ بِالْحَيْضِ فَيَكُونُ طُهْرًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْبَعْضِ مِنْ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ طُهْرًا وَاحِدًا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ قُلْنَا دُخُولُ الْأُمُورِ الْمُسْتَمِرَّةِ تَحْتَ الْعَدَدِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْتِهَاءٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى ابْتِدَاءٍ، فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَتَّصِفُ أَوَّلَ النَّهَارِ بِكَوْنِهِ يَوْمًا وَاحِدًا فَكَذَلِكَ آخِرَهُ، فَإِنْ جَازَ إطْلَاقُ الطُّهْرِ الْوَاحِدِ عَلَى الْبَعْضِ مِنْ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الِانْتِهَاءِ