شرح التلقين (صفحة 991)

إذا جلس الإِمام على المنبر. قال بعض المتأخرين إن قلنا إن حضور الخطبة واجب فيجب رواحه بمقدار ما يعلم أنه يصل ليحضر الخطبة. وإن قلنا إن حضورها غير واجب فيجب عليه الرواح بمقدار ما يدرك الصلاة. وهذا الذي أشار إليه هذا من إيجاب حضور الخطبة لعله أشار إلى ما قدمنا الكلام عليه من صحة خطبة الإِمام وحده دون الجماعة. وقد اشتمل هذا الفصل على تقسيم ابن القصار من كان خارج العصر على ثلاثة أضرب. وأشار في أحد الأقسام إلى جواز إقامة الجمعة لمن كان على فرسخ، وهو خلاف (?) المعروف من المذهب. وقد قدمنا قول ابن حبيب لا تُقام إلا على مسافة بريد. وقول يحيى بن عمر على ستة أميال. وقول زيد بن بشير على كثر من فرسخ. وقول ابن القصار هذا مخالف لهؤلاء. وقد نبهنا على ذلك في موضعه.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أما صلاة الجمعة فأول وقتها زوال الشمس. وقال ابن حنبل يجوز فعلها قبل الزوال، واختلف أصحابه في وقتها.

فمنهم من قال أول وقتها صلاة العيد. ومنهم من قال يجوز فعلها في الساعة السادسة. وحكى بعض من صنّف الخلاف عن مالك أنه قال يجوز فعل الخطبة قبل الزوال ولا يجوز فعل الصلاة حينئذ. وما أرى هذا الناقل إلا وَهِم عن مالك. وقد قال مالك في كتاب ابن حبيب فيمن خطب قبل الزوال لا تجزئهم ويعيدون الجمعة بخطبة ما لم تغرب الشمس، كما لو صلوا بغير خطبة، وبه قال ابن القاسم وأشهب. وقال ابن الماجشون يعيدون إلى وقت العصر فإن صلوا العصر أعادوها ظهرًا. وبه قال ابن عبد الحكم وأصبغ. وقال سحنون يعيدون الجمعة في الوقت ويعيدون أفذاذًا أبدًا ظهرًا. فأنت ترى إطباق مالك وهؤلاء من أصحابه على (?) منع الإجزاء والاعتداد بالخطبة قبل الزوال. وهذا يؤكد لك الظن بما قررناه من وَهَم هذا الناقل عن مالك.

ودليلنا على ابن حنبل قول أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة إذا زالت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015