هو موقفه إذا عارض قول الصحابي القياس؛ ثم بعد هذا. الإجماع حجة. فهل الإجماع حجة في كل عصر من الأعصار أو الحجة في اتباع إجماع الصحابة خاصة؟ والقياس حجة فهل القياس المعني هو القياس الجلي أو كل الأقيسة. والعرف حجة ولكن متى يعتبر المحرف؟ فالفقيه الذي وضع منهجًا كاملًا في ترتيب الأدلة وما يؤخذ منه وما يترك هو المجتهد المطلق. وهذا القسم آخر من بلغه داود الظاهري. بخلافه في اعتبار القياس واقتصاره على القياس الجلي. وانحصرت المذاهب السنية في الأربعة الباقية الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي.
وما نسب الاجتهاد المطلق بعد داود الظاهري لأحد من العلماء. ولا أبرز أي عالم من العلماء منهجًا في الاجتهاد جديدًا. فقد آل الأمر إلى أن كل فقيه بلغ رتبة الاجتهاد. فمعنى ذلك أنه أخذ بالطريقة الخاصة التي قام عليها مذهب من المذاهب الأربعة.
الطبقة التالية لأهل الاجتهاد المطلق التي انقرضت. أهل الاجتهاد المقيد. كأبي يوسف ومحمد في المذهب الحنفي وابن القاسم وأشهب وأصبغ في المذهب المالكي. والبويطي والمزني في المذهب الشافعي.
وهؤلاء ينظرون في أدلة الأحكام المعتمدة عند إمامهم ويرتبونها حسب ترتيب إمامهم. وقد يصلون بعد ذلك إلى حكم الجزئية المنظور فيها إلى ما يوافق إمامهم. وقد يصلون إلى خلاف ذلك فيعلنون أنهم أتباع الإِمام وأنهم يخالفونه في استنباطه. وترد عليهم الحوادث التي لا نص لإمامهم فيها فيعتبر قولهم هو المذهب في تلك الحادثة العارضة. وهؤلاء هم الذين وسّعوا المذاهب.
وطبقة أقل من هذه وهم الذينِ يلتزمون كل ما قاله أئمة المذهب. ولكن عندما تعرض الحوادث المستجدة يُخرّجون على قول إمامهم حكم النازلة تطبيقًا لقواعد المذهب وهم أهل التطبيق.
وطبقة رابعة تتبع الأقوال وتجمعها وتوازن بينها ثم ترجح الأقوال. ولكن تبين النواحي التي تقوي الأخذ بأحد الأقوال أو توهن الأخذ به.
وبعد هؤلاء طبقة خامسة هم المدونون للثروة الفقهية المرتبون لها