ومما يعرف من كتبه في أصول الفقه الورقات والبرهان:
البرهان من المراجع التي يعتمدها الأصوليون في تحرير قضايا هذا العلم. ومع هذا فالكتاب قد اودعه صاحبه من الآراء والمناقشات والاختيارات ما يجاوز حجمه فاستغلق فهمه، وكان الأخذ منه والاستفادة منه على مقدار حظ الناظر من العلم والفطنة. يصفه ابن السبكي بقوله: وأنا أسميه لغز هذه الأمة لما فيه من مصاعب الأمور. وإنه لا يخلي مسألة عن إشكال، ولا يخرج إلا عن اختيار يخترعه لنفسه وتحقيقات يستبد بها (?). فأبو المعالي في هذا العلم يعتبر مجتهدًا لا مقلدًا.
أراد الإِمام المازري أن يقرب هذا الكتاب للناظرين فيه وأن يكشف مغالقه ويوضح إشكالاته. ويصحح ما ينبغي تصحيحه من اختياراته. فسمى تاليفه بإيضاح المحصول.
وهذا الشرح الذي نجزم بان الإِمام المازري قد حقق فيه تحقيقات نفيسة وأضاف إليه إضافات هامة إكمالاً أو تصحيحاً، قد طواه الزمن فيما طوى من كنوز المؤلفات الإِسلامية. ندعو الله أن ييسر اكتشافه وإخراجه للناس. ويتفق المقري وابن السبكي على أن المازري لم يكمله. وفي اهتمام الإِمام المازري بشرح هذا الكتاب ما يؤكد تعلقه وتضلعه من هذا العلم. ثم هو قطعًا لما كان
شارحًا فقد ارتبط بتأليف أبي المعالي.
والمازري كما تبين لنا، مقامه في علم الأصول مقام التحقيق ومكانته فيه تدعوه إلى إبرازه حسبما انتظم في عقله وما انطبعت به مداركه. ولذلك ذكر أكثر من مرة في شرحه للتلقين أنه سيُملي في أصول الفقه ما يجلي المسألة التي تعرض لها. ولكن لم نجد في كتب التراجم ما يفيد أنه ألف هذا التأليف المستقل فلعله قد اخترمته المنية قبل أن يتمكن من ذلك لاشتغاله بما كان بصدد إتمامه من التآليف.