كذلك في الحقيقة. فهذا نسلمه لك ويسلم تمثيلك فيه برؤية الكواكب فإن الأمر فيها على ذلك جرى. ولكن مع هذا لا يكون كل فصل محاذيًا مقابلًا، ولكنه مسامتًا ببصره، ولا يكون كل فصل مسامتًا بجسمه. فهذا الذي يظهر لي في تحقيق ما قاله ابن القصار وكشف الغطاء عنه وقد قال الشيخ أبو الطيب عبد المنعم وهو أحد أشياخ شيخنا، وكان ممن لم تمنعه الإمامة في الفقه عن الإمامة في الهندسة: (من قال إن الفرض استقبال الجهة لا العين فقد غلط لأن الله تعالى قال: {فولوا وجوهكم شطره}، والشطر إن كان هو النحو أو القبالة أو القصد أو النصف فذلك غير الجهة. والوجه والجهة والمواجهة والوجاهة ما استقبل. والوجاه والتجاه استقبال الشيء. ولو كان المطلوب الجهة لكان من كان من الكعبة في الشمال مستحقًا لكان مخيرًا بين أن يصلي إلى المشرق أو إلى المغرب أو إلى الجنوب. لأنه يكون حينئذ مستقبلًا للكعبة إما بوجهه أو أحد خديه، وهذا الذي نصر به الشيخ أبو الطيب أبا الحسن ابن القصار لا يدفع ما قلناه في تحقيق القول في المسامتة. والنظر فيه أيضًا يطول ويقطع عن غرض الكتاب (?).
أما علمه بالهيئة فقد ذكر في باب صلاة الخسوف أن مذهب الشيخ أبي محمَّد عبد الحق أنه إذا اجتمع العيد والخسوف وصلاة الاستسقاء فإن صلاة الاستسقاء تؤخر إلى يوم آخر. لأن يوم العيد يوم تجمل ومباهاة والاستسقاء ليس يوم تجمل وإنما هو رهبة وسكون فيؤخره. ويبدأ بالخسوف لئلا تتجلى الشمس ثم بالعيد ثم بالجمعة ويعقب على الشيخ أبي محمَّد بقوله. ولم أزل أعجب من إغفاله فيه. إذ لا يكون كسوف يوم عيد ولا يتفق. وإنما يكون كسوف الشمس في آخر الشهر. وعند إنسلاخه. وبعد أن يقرر أن هذه هي العادة التي أجرى الله عليها الكون ولله أن يفعل ما يشاء. يستطرد فيقول ولقد وقع الشافعي على عظيم شأنه في هذا التصوير، ورأيته قد صور اجتماع العيد والكسوف. وتكلم على ذلك ... وهذا لا معنى له إلا أن يراد به معرفة فقه