وإن قلنا إن الصلاة في اللغة الدعاء. وهذا المشهور عند العلماء.
فيقال على هذا، تسمية أهل الشرع الصلاة المعهودة صلاة غير جارية على أصل اللغة. فهل يكون الشرع غير اللغة ها هنا أم لا؟ فاعلم أن هذا سؤال يتكلم عليه أهل الأصول. واختلف فيه الفقهاء والمتكلمون. فمنهم من ذهب إلى أن الشرع لم يغير اللغة في ذلك، وإلى هذا ذهب الأئمة من الأشعرية.
ومنهم من ذهب إلى أن الشرع غير اللغة في ذلك كما غيرها في تسمية الحج والصوم. وإلى هذا ذهب المعتزلة وسموا هذا المعاني بالأسماء الشرعية.
وسبب هذا الاختلاف أن المعتزلة لما رأت انطلاق هذه التسمية على الركوع والسجود وما في أثناء ذلك من قيام وقعود، وذلك ليس بدعاء دل على أن الشرع غير هذه التسمية وأقرها على غير إقرارها في اللغة. لا سيما إن لم يوجب قراءة أم القرآن المشتملة على الدعاء. أو كان المصلي لا يحسن قرانًا ولا ذكرًا.
ولما رأت الأشعرية أن الصلاة مشتملة على الدعاء، لا سيما إن قلنا بإيجاب قراءة أم القرآن المشتملة على الدعاء، رأت أن الشرع لم يغير هذه التسمية وإنما أتى بإضافة أفعال إليها. وأخبر أن الدعاء لا يجزئ دون أن يقع على صفات من استقبال جهة، وإضافة أفعال إليه. فالتسمية جارية على مجراها في اللغة، وإنما أحدث الشرع زيادات وإضافات إليها، وذلك ليس بإزالة التسمية (?) عن قرارها في اللغة. والحق في ذلك يوضحه ضرب مثالين وذكر طرفين. فأقول: من زعم أن الشرع غير هذه التسمية كما يغير اسم الدار والفرس. فيسمي الفرس باسم الدار والدار باسم الفرس فقد باهت. لأن تسمية كل واحد من هذين لا ينطلق على الآخر في اللغة. لا كلية ولا جزئية ولا حقيقة ولا مجازًا. والصلاة المعهودة فيها الدعاء وما يقرب من معناه. ومن زعم أن الشرع لم يغير ذلك، ولا أحدث فيه حديثًا، كما لم يحدث في تسمية الدار دارًا أو الفرس فرسًا حدثًا. فقد أبعد.
لأن الدعاء يسمى في اللغة صلاة على أي جهة وقع مفردًا غير مضاف إلى شيء.
والصلاة المعهودة بخلاف ذلك. فإذا بان أن المسألة خارجة عن هذين الطرفين فلا بد من سلوك الوسط. فنقول قد علم من عادة العرب إطلاق الاسم على