والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: اختلف الناس في دخول الحائض والجنب المسجد. فمنعه مالك على الإطلاق. وأجازه زيد بن أسلم عابر (?) سبيل. وقال ابن مسلمة من أصحابنا: الجنب والحائض طاهران وليس ابن جسين. وإنما تمنع الحائض من دخول المسجد صيانة للمسجد على أن يناله من دمها شيء. والجنب يدخل المسجد لأنا نأمن ذلك منه. قال بعض أشياخي: هذا يقتضي جواز كون الجنب في المسجد، والحائض (?) إذا استثفرت وتحققت صيانة المسجد عن الدم. ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب (?). وأما زيد فإنه يعتمد على قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (?). والمراد بالصلاة ها هنا موضعها. إذ نفس الصلاة لا يصح فيها عبور السبيل. وإنما يعتبر (?) السبيل في المساجد وغيرها من الأماكن. وهكذا حمل الشافعي الآية على ما حملها عليه زيد وأجاب أصحابنا عن هذا: بأن إثبات إضمار. وحمل الآية على المجاز من غير دليل يضطر إليه لا يمكن. وما قدره زيد، دليل يلجئ إلى ذلك. من كون الصلاة لا يصح العبور فيها. فليس الأمر كما قدروا. وإنما المراد بعابري السبيل ها هنا المسافر الذي لا يجد الماء. فإنه يقرب (?) الصلاة بالتيمم وإن لم يغتسل. وإن صح حمل الآية على هذا التأويل فلا وجه لإثبات إضمار في الآية من غير ضرورة إليه. وأما ابن مسلمة فإنه يعتمد على قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن المؤمن لا ينجس (?). وإذا لم يكن نجسًا فلا وجه عنده لمنعه من دخول المسجد.