شرح التلقين (صفحة 3260)

بقيمة الرهن الذي تعدى عليه، وسلّمه لغيره، كان ذلك من حقه، وغرم هذا الأمين قيمة الرهن، ويستحقها الراهن فيأخذها إن أتى برهن يسد مسدَّها. وإن لم يأت برهن أُوقِفت هذه القيمة على يد أمين آخر، لظهور خيانة هذا الأمين الأوّل. فقد يحوز (?) أيضًا مرة ثانية. وغلب ها هنا حق الراهن لأنه مالك عينِ الرهن، وإنما للمرتهن التوثق بالرهن، والتوثق يحصل له إذا كان في يد أمين غير الأول الذي خان. وأما الراهن بحقه في عين الرهن، فهو أوْلى بأن يُنظَر له في صيانة عين ملكه، فإن أَغرمَ الراهنُ هذا الأمين قيمة الرهن، رجع بها على المرتهن الذي ضاع الرهن في يديه, لأنه غرم ذلك بسببه، ولم يسلم إليه الرهن على أنه ساقط عنه، وأنه ملتزم قيمتَه قضى (?) عنه، وإنما سلم على حكم الرهبان: الضمان فيما يغاب عليه، يُقضى بذلك على المرتهن, لأنه أخذه على حكم الرهبان التي تؤخذ لمنفعة المرتهن. لكن لو ضاع في يد المرتهن ببيّنة لسقطت عنه مطالبة هذا الأمين بما استخرج (?) من قيمة الرهن، لكونه سلطه عليه، وهو غير متعد في قبضه في حق الأمين وإن كان متعديًا في حق الراهن.

وإذا كان من حق هذا الأمين أن يرجع على المرتهن بقيمة الرهن التي غرمها بسببه، فهل من حق المرتهن أن يمتنع من أدائها، ويقاصَّ بدينه عوضًا عنها، إذا لم يحل الأجل؟ هذا على قولين: أحدهما: إنه يمنع من المقاصة، ويغرم القيمة على مقتضى حكم التعدي. وعلى القول الثاني: له المقاصة, لأنا نجوّز صِدْقَه في أن الرهن قد ضاع له. ولو قامت بينة على ضياعه لم يغرمه، فلا يلزمه تعجيل القيمة إذا رضي بالمقاصّة مع هذا التجويز لصدقه.

ولو اختار الراهن طلب المرتهن بحكم التعدي، وعدل عن طلب الأمين، لكان له أن يُغرمه القيمةَ. وإن طلبه بغرامة القيمة من جهة دعوى الضياع لجرى ذلك على القولين المتقدمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015