الراهن خَلَفُه أم لا؟ فذلك على قسمين:
أحدهما: أن يكون الرهن المشترط في أصل عقد البيع أو القرض مضمونًا.
والثاني: أن يكون معيَّنًا.
فأما إن كان مضمونًا لم يعين في أصل الاشتراط فإنه قد تقدم الكلام على جواز اشتراط رهن غير معين بل مجهول جنسه، وذكرنا أن مالكًا وأصحابه يجيزون ذلك. ويُلزم من اشتُرِط عليه الرهن أن يأتي برهن يكون ثقة بمقدار الحق. خلافًا للشافعي في منعه الرهن المجهول.
فإذا تقرر أنّا نجيز اشتراط رهن في الذمة غير معين، فإن الملتزِم للرهن يطالَب به، ويُجبر على إحضار ما يكون ثقة بمقدار الحق. فإن أحضر رهنًا هو بمقدار الحق ورضي به المرتهن، ولكن لم يقبضه حتى استُحِق هذا الرهن الذي أُحضر، فإن هذا الإحضار من غير تسليم للرهن لا يبرئ الراهن مما التزَم، ويكَلَّف احضارَ رهن آخر.
وإن وقع الاستحقاق للرهن بعد أن قبضه المرتهن، فهل على الراهن خلَفه أم لا؟ في ذلك قولان:
أحدهما: أنه يجبر على خلفه، وإليه ذهب سحنون.
والثاني: لا يجبر على الخلف.
وكأن هذا الخلاف راجع إلى أصل، عندنا الخلاف فيه معلوم، وهو كون ما أصله مضمون يتعين بالدفع، ويصير كأنه اشترط معينًا في أصل الشرط (?).
أَوْ لا يتعين بالدفع، وقد تقدم في كتاب التفليس الكلام على هذا الأصل، وهو كون مكتري الدابة أحقَّ بركوبها إذا فلّس رب الدابة، وكان الحمْل مضمونًا على المُكري (فرأى مضمون) (?) أن ذلك لا يتعين بالدفع فإذا استحق الراهن