الراهن. وأما إن رجع بواسطة مثل أن يكتري الدار المرهونة رجل من المرتهِن بإذن الراهن، فينعقد الكراء بين المرتهن والمكتري، ثم يكتريها الراهن من هذا المكتري لها، فإن ابن القاسم رأى أن ذلك يبْطل الرهن ما دامت في يد الراهن، إذا قام الغرماء على الراهن، إن كان المكتري الذي أكراها من الراهن من جهة الراهن وبينه وبينه علاقة، وإن لم يكن بينه وبين الراهن اختلاط وعلاقة لم ييطل الرهن. وكأن ابن القاسم اعتبر التهمة في هذا وقدّر أن هذا المكتري إذا كان بينه وبين الراهن علاقة، فإن المرتهِن والراهن يتهمان على أن أظهرا الحوز للرهن زورصا، وباطنهما رجوعه إلى يد الراهن، وإنما جَعَلا هذا المكتري ذريعة إلى ما تحيّلا عليه من إظهار الحوز، وباطنهما خلافه. فإذا كان لا علاقة بينه وبين الراهن، بعدت التهمة.
وهذا عندي مثلُ ما ذهب إليه فيمن حلف ألاّ يبيع ثوبه من فلان، فاشتراه منه رجل أظهرا أن الشراء له، وهو إنما اشتراه للمحلوف عليه ألا يباع الثوب منه. واعتبر في هذا كون المتولي للشراء من جهة المحلوف عليه، فيقع الحنث لكون البائع منه إذا علم أنه من جهة فلان صار ذلك كعلمه أنه إنما اشترى ذلك لفلان المحلوف عليه. وإن لم يكن من جهته لم يحنث الحالف.
وهذا مثل ما حكيناه عنه في مسألة الرهن، وأن ابن حارث قد تعقب ما قاله ابن القاسم في مسألة الرهن، وجعل جواب ابن القاسم كالخارج عن المعروف من أصول المذهب، واستشهد بأن من له نصف دار رهنا لرجل، ثم اكترى نصيب شريكه أن هذا الاكتراء يُبطل الرهن، تكون يد الراهن رجعت إلى نصف الدار، وهو مشاع، فكأن يده (?) رجع رهنه إليه. فإذا بطل ها هنا مع بُعد التهمة، فأحرى أن يبطل الرهن إذا أخذه الراهن من يد مكتريه، ولو كان ليست بينه وبينه علاقة.
وهذا السؤال الذي استشهد به، مذهب ابن قاسم أن يقوم المرتهن طالبا