شرح التلقين (صفحة 3165)

الغصب إذا صُيّر الشيء المغصوب رهنًا، أن الشافعي يراه قد ثبت فيه ضمان الغصب بإجماع، ولم يحدث بعد ذلك سوى قول المالك: صيرته بيدك رهنًا، وقد كان بيده غصبًا، فلم يحصل سوى القول، والرهن لا يلزم بمجرد القول، واستصحاب القبض كابتدائه، فيسقط (?) حكم ضمان الغصب، تكون المالك في بقائه في يد الغاصب على وجه ينافي حكم الغصب, لأن ضمان الغصب لا يتساوى مع ضمان الرهن، بل يتنافيان في بعض وجوبهما (?)، ويصير (?) هذا الشيء المغصوب، إذا بقي في يد الغاصب رهنًا بإذن المالك، كأنه رهن يُستأنَف دفَعَه في دين استدانه، وكأنه رد الشيء المغصوب إلى مالكه، ثم دفعه إليه مالكُه بعد ذلك رهنًا.

ووافقنا أبو حنيفة على هذا لأجل أنه يرى أن استدامة هذا القبض كابتدائه، وكأنه كان في يد الغاصب أوّلًا يحوزه لنفسه، ويخيَّل انه يتملّكه، ثم صار بحوزه على ملك راهنه، وكان (?) رهن رهنًا وإخراجه (?) من يده وأقبضه للمرتهن.

وإذا حصل القبض لزم عقْده الرهن، وصار مضمونًا ضمان الرهبان.

ولزم الرهن عند المزني، وصار غير مضمون تكون الرهن عنده غير مضمون.

هذا سبب الاختلاف عندي في ذلك، وإن كان الأئمة الذين تكلموا على المسألة من أصحابنا كابن القصار، ومن أصحاب الشافعي كأبي حامد الإسفرايني لم يسلكوا هذه الطريقة، في البناء على الأصول، التي قدمنا، وإنما سلكوا طريق الحِجاج على حسب عادتهم في مسائك الخلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015