على يد أجنبي غير البائع، جائزٌ عند الأكثر، في المشهور عندنا، إلا ما أشار ابن المواز أنه مكروه، وما تأوّله ابن القصار على صفة ما حكيناه عنه، والمنع من ذلك في الحيوان خاصة على ما نقلناه عن ابن الجلاب. وأما اشتراط بقائه رهنًا في يد البائع فثلاثة أقوال: مالك منع ذلك على الإطلاق، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعى. وابن القصار أجاز على الإطلاق، وأصبغ أجاز ذلك في العقار وما يؤمن عليه من التغير، ومنعه في الحيوان.
والمانعون لذلك من أصحاب أبي حنيفة والشافعي يعتلّون للمنع بأن إجازة ذلك. يُؤدّى إلى التنافر والتناقض في الأحكام، وذلك أن عقد البيع يوجب تسليم المبيع، واشتراطَ ارتهانه يوجب حبس المبيع، والحبس والإطلاق مَعنَيان متضادان، فوجب القول بالمنع. لكن (?) القول بالجواز يوقع في التضاد، وأيضًا فإن المشتري قد ملك المبيع، وملْكُه على التأبيد لا يخرج من يده إلا باختياره.
وفي اشتراط كونه رهنًا إخراجُه من ملكه بغير اختياره، إذا بيع عليه في الدين، وهذان أيضًا معنيان متنافران.
والقائلون بالجواز يجيبون عن ذلك بأنه لو سلم المبيع ثم أعاده المشتري للبائع رهنًا، فإن ذلك جائز، فيقدر هذا المعنى في اشتراطه كونه رهنًا يبقى في يد البائع في أصل عقد البيع, لأنه إنما رهن ما صح ملكه له، ثم بعد صحة ملكه له عتمد على نفسه فيه رهنًا، فصار ذلك في معنى الرهن بعد القبض.
وهذا يمنعهم من الاعتلال للمنع أيضًا بقولهم: إنه رهنُ مالم يستقر ملكه عليه، فأشبه أن يرهن عبدَ غيره، مع أنّا أيضًا نحن نقدر هذا بعد صحة الملك.
وقد قدمنا في صدر هذا الكتاب أنّا نجيز أن يتقدم الرهن على عقد البيع، خلافًا للشافعي. وبالجملة أنه التمت في هذا إلى أنه تحجير على المشتري في المبيع، والتحجير ينافي موجب البيع من إطلاق التصرف. فإن هذا قد يلتفت إليه من منع هذا الاشتراط، ويدافعه عن ذلك من أجاز هذا الاشتراط بأن هذا التحجير ليس