إليه المرتهن بأىّ وجه كان، فإن الرهن يبطل.
ووافقنا أبو حنيفة على ذلك، ولكنه استثنى أن يرفه إليه المرتهن وديعةً تكون عنده أو عارية يُعيرها له. فلم ير إبطال الرهن بذلك. وأما الشافعي: إنّ رده إلى يد المرتهن لينتفع به الانتفاعَ المعتادَ في مثل ذلك الرهن، ويعيده عند انقطاع المنفعة إلى المرتهن، لا يُبطل الرهنَ. فإذا رهنه دابّة، وعادت إلى يد الراهن يركبُها نهارًا بالبلد الذي هي به رهْن، ويردّها للمرتهن ليلًا، فإن ذلك لا يُبطل الرهنَ. وكذلك استخدامه العبدَ على هذا الرسم، ورجوع الرهن إليه لينتفع المنفعةَ المعتادةَ لا يؤثّر ذلك في الرهن، لقوله عليه السلام "الرهن مركوب ومحلوب" (?). ولا يراد بهذا أن المرتهن يركبه ويحلبه، وإذا لم يُرَدْ به هذا انصرف تأويله إلى الراهن يركبه ويحلبه. وأيضًا فإن حق المرتهن في تلك الرقبة (وذلك لمنفعة) (?) متابعة لها، وحق المرتهن في الاستيفاء وحفظه، إلى غير ذلك. فلا يُبطل أدنى الحقين آكَدَهما، فيكون حق المرتهن البيع (?) من انتفاع الراهن بملكه على وجه لا يضر المرتهن ولا يفسد رهنه.
والمراد، عندنا، بالحديث أنه مركوب ومحلوب، ولكن لا يتولى ذلك الراهن بل يكون المرتهن يتولى ذلك من غير أن يعيده ليد الراهن.
ويستدل أصحابنا بقوله تعالى فرهان مقبوضة (?) فوصَفها بالقبض، فوجب أن يستدام ذلك أيضًا حتى يُستوفى الحق, لأنه إذا شُرِط القبضُ حين عقد الرهن، والحق لم يحلّ، ولا وجبت المطالبة يه، فأحرى أن يُشترط ذلك عند الحاجة إلى الرهن، وأخذ الحق من ثمنه. وهذا لا يحصل إلا باستدامة القبض، مع أن قوله تعالى مقبوضة جعله كالصفة للرهن، فيجب أن يكون ذلكَ صفة