فإن قلنا: إن الخبر مقدّم على دليل الخطاب سقط أيضًا تعلقهما بهذا الدليل، وكونه عليه السلام رهن درعه بالمدينة، والمدينة حاضرة وهي وطنه ووطن أصحابه.
ويلتفت أيضًا إلى فعله عليه السلام هل هو مقصور عليه أو (?) مختصر به حتى يقوم دليل على تعديه إلى أمته، أو يكون حكمًا متعديًا إلى أمته حتى يقوم دليل على اختصاصه به دون أمته؟
فإن قلنا بتعديه أيضًا سقط ما تعلقوا به مع مجموع الأصول التي قدمنا ذكرها.
فهذا وجه العمل فيه من أصول الفقه.
ويلتفت أيضًا إلى أصل آخر وهو التعلق بدليل الخطاب إذا لاح أنه يقصد به اختصاص الحكم بالمذكور. وإنما خص بالذكر الوصف المذكور لكون العادات مقتضية له.
فإن قلنا: لا يتمسك بمثل دليل الخطاب الذي اقتضى موجب العادة تقييدة بالذكر لم يصح لمجاهد ودواد التعلق بهذه الآية. إن الله سبحانه لم يذكر السفر ها هنا قصدًا إلى تخصيص الحكم بالمذكور. لكن مقتضى العادات أن الكتّاب والشهود يوجَدون في الحضر غالبًا، ويتعذرون (?) وجودهم في السفر غالبًا، فكأنه تعالى يقول: اكتبوا وأشْهِدوا إذا تداينتم، وإن تعذر الشهود والكتاب فخذوا الرهن خوفًا من الجحود، أو خوفًا من فوت الحق بالعُدْم والفلس.
ومما يؤكد هذا التأويل أن الرهن على شرطين وهما: عدم الكتاب والسفر. وقد اتفق على أنهما لو كانا مسافرين ولم يَعْدِما الكتاب لجاز لهما