شرح التلقين (صفحة 310)

10 - ولم كان الخرق اليسير معفوًا عنه؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: الدليل على جوازه على الجملة الآثار الواردة بذلك، وهي لا تحصى كثرة. وقد حكى بعض أصحابنا عن مالك إنكار جواز المسح وأنه لا يمسح المسافر ولا المقيم. وقال ناقل هذا إن صحت هذه الرواية عنه (?) فلعله رأى المسح منسوخًا. والظن عندي أن مالكًا لم يسلك هذا المسلك الذي ظنه ناقل هذه الرواية. وإنما الرواية الثابتة أنه قال: لا أمسح في السفر، ولا في الحضر. وكأنه كرهه. فإنما حكى عن نفسه ما يؤثر فعله.

وقد يكون الفعل جائزًا عند الفقيه ويؤثر تركه. فيحتمل أن يكون مالك رأى أن المسح رخصة. والفضل في ترك الرخص. فأخبر عن نفسه أنه يأخذ بالأفضل.

كما يرى أن فطر المسافر في رمضان جائز، ويقول الصوم أفضل له إذا كان مطيقًا له. وكيف يظن به إنكار المسح أصلًا، وقد قال الحسن روى المسح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعون نفسًا على أنحاء مختلفة؟ وبعض من صنف الخلاف من أصحابنا لم يضف (?) إنكاره إلا إلى المبتدعة. وطائفة من أهل الأصول يرون أن الزيادة على النص كالنسخ فلا يرجع فيها إلى أخبار الآحاد. وهو أصل أبي حنيفة وأصحابه. ولما استشعرت هذه الطائفة هذا (?). قال أبو يوسف يجوز نسخ القرآن بمثل الأخبار الواردة بمسح الخف. يشير بهذا إلى أن إثباته مسح الخف لم يكن إلا بآثار خارجة عن أخبار الآحاد. وقال أبو حنيفة في ذلك هي كضوء الشمس يشير إلى إظهارها (?) واشتهارها وانتشارها. فأنت ترى أبا حنيفة وأصحابه مع تقصيرهم في البحث عن الآثار عن مالك أثبتوا المسح على الخفين وقالوا فيه ما حكيناه عنهم. فكيف يظن بمالك رضي الله عنه مع معرفته بالآثار واتباعه لها إنكاره أصلًا. وهذا كله يحقق عندك ما ظننا به في تلك الرواية.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: اختلف قول مالك في الحاضر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015