تقدم عقد الصرف ودفع الدراهم منذُ أيام، لحصل من أمرهما أنه دفع بالأمس دراهم وأخذ اليوم عنها ذهبًا، وهذه صورة الصرف المستأخَر، فوجب أن ينتقل عن الأصل، ويرجع مشتري العبد بما نَقده.
ولو وقع البيع للعبد بمائة دينار، فتراضيا على أنا أَخَذ بدلا عن المائة دينار جاريةً، فاْستُحِق العبدُ، فباستحقاقه انفسخ البيع فيه، (?) بطل الثمن وهو المائة دينار، وبطلان الثمن كاستحقاقه، وهو ثمن الجارية، وقد قررنا أن استحقاق المثمون لا يُبطلِ العقدَ، بل يجب خَلَفُه، فعلى آخذ الجارية عوضا عن المائة دينار أن يخرم ثمنها لمّا وقع الاستحقاق، والبطلان في ثمنها بإبطال المثمون، إلاَّ أن يُعلم أن بائع العبد، الذي أخذ الجارية، أخذها بثمن بخْسٍ طلبًا للتخلُّص ممن اشترى منه العبد، وترفّها عن اقتضائه، ومخافة عن مخاصمة غرمائه، فيكون الحكم ها هنا، إذا تيين ذلك، وإنه هو العقد، أنا يرجع بائع الجارية فيها بعينها، أو بقيمتها إن فاتت لأنه إنما اخذها بثمن بخس، على أن وهَبَ بعض الدنانير التي له على بائعها. فإذا بطلت الهبة لكون الثمن بطل باستحقاق العبد بطل العقد في الجارية لبطلان بعض الثمن الموهوب، وهو معيّن لا يلزم خلَفه كما يلتزم (?) خلف الأثمان إذا استحقت. هذا حكم الاستحقاق في الطرف الأوّل وهو العبد.
وأما الاستحقاق في الطرف الآخر، وهو دراهم أخِذت عن دنانير، أو جارية أخذت عن دنانير، فإن الدراهم إذا استُحِقت بطل الصرف فيها، وإذا بطل الصرف فيها بقيت الدنانير في ذمة مشتري العبد، فعليه أن يغرمها لبائع العبد منه.
وأما إن كان الطرف الآخر جارية فاستُحِقت، فإن البيع يبطل فيها، ويرجع مشتريها، وهو بائع العبد، بمائة دينار التىِ عقَد بها بيع عبده. ولا يبالي ها هنا يكون الجارية أُخذت بثمن بخس, أو بقيمتها لأن البائغ اشتراها من المشتري