يحسن الخلاف في الدفج مطلقا، هل يُحمل على هذا الوجه أو على الوجه الآخر؟ وقد قال الطحاوي: مذهب أهل المدينة وابن أبي ليلي أن الصلح على الإقرار لا يرجع المقِرّ مدعَّى عليه بما دُفِع إليه إذا وقع الاستحقاق فيما أقرّ به المدعَى عليه، هذا حكم الاستحقاق (الاعواض في الدعاوي) (?) إذا وقع الإقرار بصحتها.
وأما إذا وقع الاستحقاق، والمدعى عليه متماد على الإنكار، وعاوض عن المدّعَى فيه، وهو منكر للدعوى مكذب لها، فإنه إذًا استُحِق ما في يد المدَعى عليه، هل ترجع فيما دفع أم لا؟ فيه ثلاثة أقوال، مثاله أن يدعي رجل دارا في يد رجل، فينكَر المدَعى عليه ما أدعاه المدِعي، ثم يتراضيان على أن يدفع إليه عبْ"، ويتركَ خِصَامه في الدار، فيستحق الدار فإن ابن القاسم ذُكِر عنه أنه يرجع في العبد الذي دفع إن كان قائما، أو قيمته إن فات. ومذهب سحنون أنه لا يرجع في العبد قائما أو كان فائتا. والقول الثالث ذكره في المجموعة، وفصل فيه القول بين كون الاستحقاق وقع بقربٍ من هذه المعاوضة ودفْعِ العبدِ، ويين أن يقع الاستحقاق إذا طال الزمان، فرأى أنه يرجع في القْرب، كما حكيناه عن ابن القاسم، وبعد طول الزمان لا يرجج، كما حكيناه عن سحنون. واعتل الذاهب إلى هذا بما يقع بالمدعي من الضرر الذي بسبب من استحقت الدار من يده، بأن يقال: كنتُ أتمادى على خصامك بأخذ الدار من يديك ببّينة تشهد لي بما يوجب ذلك، فلما دفعتَ إلىّ العبد أهملتُ السعيَ في بينتي وتحصيل شهادتهم، وسبب ذلك دفعُكَ العبدّ إليّ، فليس لك مرجع عليَّ مع كونك سببا في تعطيل شهادة بينتي.
واعلم أن منشأ الخلاف في هذا، أن من الأقوال ما تكون له نتائج وتلزم عنه لوازم لا ينفك منها. فمن نظر في هذا وجد المدعَى عليه يقول المدَّعي: مالك في الدار شيء، ولكن أَدْفعُ إليكَ هذا العبد تنزُّها منّي عن الخصام. ولا يصح أن يتصور هذا مقتضى قوله: مالَك في الدار شيء، أن يكون العبد