أن منا تزوّج امرأة، وبذلك لها صداقًا فإنه لا يحلّ له أن يُكري فرجَها من غيره. وورد يشعر بأن منافع الفرج ليست بمال يقوَّم، أو يقال بأن الشرع لما منع استباحته إلا بمال، وما سواه مما هو بمال أياح تملكه يغير مال. وهذا يشعر بأنه من الحقوق المالية، أو يقال جوابا عن هذا: إن التعبد يمنع من استباحة الفروج إلا بعوض، من يأب العبادات المشروعه لا من باب المعاوضات والمعاملات وقد تقدم بيان هذا في كتاب الغصب.
فإذا تقرر هذا أو قلنا: إنه ليس من الحقوق المالية ولكنه مما ينتفع به، ويصان به المال، جرى على القولين فيمن أخطأ على مال الغير هل يغرمه لصاحبه أم لا إذًا قارن هذا الخطأ إذن، كمن اشترى عبدا فقتله خطأ، فإن في إلزامه غرمه قيمته قولين، تقدم ذكرهما مرارا، هذا وجه التحقيق في منشأ الخلاف في إلزام واطىء الحرة على أنها أمة، وقد اشتراها، بصداق مثلها.
والجواب عن السؤال الحادى عشر أن يقال:
قد قررنا في كتاب الرهن النكته التي يعلم منها ما يضمن ومالا يضمن, ومنشأ الخلاف في فروع هذا الباب، وهو من قبض الشيء لمنفعة نفسه لا لمنفعة دافعه إليه فإنه يضمنه، ومن قبضه لمنفعة دافعه ولا منفعة لقابضه فيه فإنه لا يضمنه.
ومن اشترى عبدا من سوق المسلمين فإنه معلوم إنما قبضه لمنفعة نفسه فيجب عليه ضمانه، على مقتضى ما أصلناه، فإن أقياستحق استحقه، وطلب أخذ عينه، فدافعه مشتريه عن ذلك، فإن قال له: ضاع لي, فإن المعروف من المذهب أن هذا يجري مجرى الرهبان والعواري، فيصدَّق المشتري ها هنا في دعواه ضياع مالًا يغاب عليه، كالعبد والدابه، (أو مرتهنا) (?) ما لم يتبين كذيه بأن يدعىِ الموت بمكان به جماعة لا يخفي عنهم موته، (ويصير كأنه لا يغاب عليه، دلالة على صدق المشتري في دعواه التلف والموت، كما لو أقام البينة