الأربع مسائل التي ذكرناها. وإن قلنا: إنه يجب حمله على العموم الذي اقتضاه الخطاب في اللغة حسُن التعلق به في جميع المسائل التي ذكرناها.
لكن يبقى ها هنا نظر آخر، وهو تحقيق الضمان الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بأن الغاصب يضمن عين ما اغتلّ إذا هلك، ويرد قيمته إن كان عبدًا أو دارًا.
وإن كان هلاكه بغير سبب منه يحسن التعلق فيه بقوله "الخراج بالضمان" والمشترىِ إذا هلك ما في يديه من غير سببه لم يضمنه للمستحِق، ولا يغرم له قيمته، وإنما يُتصور فيه الضمان من جهة أنه إذا هلك ما في يديه لم يرجع بالثمن على الغاصب الذي باعه منه، فصار الضمان يُتصور في الغاصب في الأعيان، ويتصور في المشتري من الأثمان، وقد ذكرنا أن الحديث خرج على سبب، وهو التحاكم في غلة ما رُدَّ بعيب، فقال عليه السلام: "الخراج بالضمان". والمشتري إذا هلك ما في يديه قبل أن يطلع على العيب لم يرجع بالثمن على البائع، ولم يضمن غير ما في يديه. فصار الضمان ها هنا كالمشار به إلى ما تُضمن عينه أو يضمن ثمنه.
وكان الشيخ أبو القاسم السيوري أفتى بأن الغلة يردها المشتري من الغاصب وإن لم يكن علم أنه غاصب، ويقول: قد اغتل المشتري مال غيره من غير إذن مالكه في التصرف فيه، ولا تسليطٍ للمشتري في ذلك، فيجب أن يردّ غلّة ما اشتراه، كما وجب باتفاق ان يردّ عين ما اشتراه. وقد بيّنا على مأخذ الخلاف في هذا، ومنشأ النظر فيه.
وإذا وضح حكم اغتلال الغاصب وما فيه من الاختلاف في حكم اغتلال المشترى، فالذي يغتَلّ، هو وارث أو موهوب له، لا يردّ الغلة إذا لم يتحقق كون من ورثه غاصبا. وهو محمول على انه اغتل بوجه شبهة لا على جهة التعدي. ولو اغتل وهو غير متيقنٍ الإباحة. ولا متيقن التعدي، وإنما هو على الظن، مثل أن يشتري دارًا من رجل زعم انها لرجل غائب وكّله على بيعها، فإن