فإن المستحِق إذا أتى لا يطالبه بقيمة الهدم, لأنه غير متعدّ في الهدم، وإنما هدم ما ظنّه ملك نفسه لمصلحة، فلم يضمنه.
وكذلك الخلخال لو كسره لم يضمن كسره. وأما لو كان ثوبا فقطعه فإن ابن المواز رأى انه يضمن قيمته القطع. وكذلك لو كانت فضة فكسرها فإنه يضمن قيمة ما أفسده. والفرق يينهما بأن الدار إذا هدمت يمكن أن يعاد البناء لهيئته، والثوب إذا قطع لا يمكن أن يعاد لهيئته.
وهذا الفرق لا يتضح، ولا مناسبة بينه وبين الأصل الذي يتفرع منه هذا وغيره. وظاهر المدونة أنه لا يضمن الثوب أيضًا إذا قطعه. والأصل الذي يناسب هذا الفرع وأمئاله أنا قدمنا مرارا أن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء، ما لم يقارن الخطأَ اذنٌ خاصّ، فإنه اختلف فيه على قولين: هل يلزم به الضمانُ أم لا, وهذا الأصل يُجري لك الخلافَ في الدار إذا هدمت، والثوب إذا قطع.
ومما يلحق بهذا لو اشترى أمة بكرا فافتضها، ثم أتى من استحقها، فإنه لا يخرم ما نقصها الافتضاض عند مالك وابن القاسم، ويضمنه عند سحنون.
وهذا أيضًا يجري على هذا الأصل الذي ذكرناه ها هنا ولكن بع وإسناده إلى أصل آخر، وهو أنه قد تقرر (?) المشتري إذا انتفع. بما اشتراه، مثل ان يكون ثوبا لبسه حتى أبلاه، ثم أتى مستحقه، فإنه يغرمه قيمته، لكون أنه انتفع بمال غيره، وصان بذلك مال نفسه. وإذا. لم ينتفع به وأتلفه غلطا ففيه القولان المذكوران، فينظر في الوطء هل هو يجري مجرى اللباس للثياب، والطعام في الفوت، فيكون المشتري ضامنًا للافتضاض، أو يلحق بما لا منفعة فيه فيجري على الأصل الثاني (?) إتلاف المال خطأ بإذن.