وكذلك اعتذر القاضي إسماعيل عن هذه التفرقة بأن قال: إنما فرق مالك بين كون الشهود تعمدوا الزور، أو شبه عليهم، إذا كان الورثة هم الذين تلوا (?) بيع مال الميت. واما لو حكم بذلك الحاكم لم يفترق الحكم بين كونهم شهدوا بالزور أو شُبّه عليهم.
وهذا الذي تأولوه نص على خلافه في المدونة, لأنه ذكر في تمثيل كون الشهود شبه عليهم، قال: أو شهدوا عند القاضي على شهادة قوم أشهدوهم.
بنص (?) على التفرقة وإن كان ذلك بحكم. وغير الشيخ أبي القاسم السيوري من الأشياخ الحذاق يرى ما رأى من الفرق لا يتصور، فاقتصر على اعترافه بذلك، ولم يتكلف فرقا ولا تأويلا، لكن قصارى ما يمكن عنده أن يقال في هذا: إن الشهود إذا تعمدوا الزور صاروا بشهادتهم كمن غصب مال هذا الذي قَدِم حيًّا فباعه، فإن لمستحقه أن ينقض البيع، وينقض العتق أيضًا، بخلاف كون الشهود شبّه عليهم, لأنهم إن شبه عليهم لم يحلوا محل الغصّاب لهذا المال، فلم يُرَدَّ اذن تغير.
وهذا أيضًا لا يتضح, لأن التعويل، إن كان على حكم القاضي، فالقاضي لم يخرج في حكمه، ولا تعمد باطلا، بل ماجوز (?) في حكمه فلا يلتفت إلى ما وراء ذلك من كون الشهود تعمدوا الكذب أو لم يتعمدوه. وإن كان الحكم لا تأثير له فكذلك أيضًا يجب للمستحق أخذ ماله وإن تغير, لأنه لم يأذن في التصرف فيه، وقد بيع ملكه عليه بغير إذن منه غلطا من بائعه، فإنه لا ينبغي (?) ملكه لهذا البائع.