البائع والمشتري إذا استُحِق ما في يد أحدهما، وأراد أن يرجع فيما دفع، فوجده قد حال سوقه، فإنه يُمنَع من أخذه بعينه، وإنما له أخذ قيمته.
وهذا عندي يجري على الأصل الذي ذكرناه مرارا، وهو المترقبات إذا حصلت هل يعد حصولها يوم وجودها، وكأنها فيما قبْلُ كالعدم، أو يقدّر أنها لَم تزَل من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها وأُسنِد الحكم إليها، فإن قلنا: إنها إنما يقدر حصولها يوم المحاكمة، وفيما قبل ذلك هي كالمعدومة، فإنه تقوى ها هنا طريقة ابن المواز. وإن قلنا: إنه أجاز العقد فكأنه لم يَزَلْ ماضيا، فكأنه كالإذْن في التصرف، فتقوى طريقة سحنون وبالله التوفيق.
ومما يلحق بهذا الاسلوب ما ذكره في المدونة فيمن أوصى بوصايا فأنفذها الوَصي، ثم أتى من أثيت أن الميت الذي وَصَّى مملوك له، وحُكم له بذلك، فإنه إن كان الميت مشهورا بالحرية فلا تباعة على الوصي، ولا تلزمه غرامة ما أنفذه من وصاياه. ولو باع في وصاياه سلع الميت لكان لمن استحق رقبة الميت أن ينقض البياعات إذا لم تتغير السلع في يد من اشتراها, ولكن بعد أن يدفع أثمانها لِمنَ اشتراها من الوصي. وكذلك قال فيمن شهد شهود بموته على مشاهدة شخصٍ ميتا، كقتيل قتل في معترك، فإن الشهود الذينْ حكم القاضي بشهادتهم إن كان تعمدوا شهادة الزور (ترد فيما باع من تركته، و) (?) كانت باقية في أيدي مشتريها لم تتغير، أو كانت فاتت أو تغيرت. وأما إن اشتبه عليهم بأن رأوا شخصا؟ ميتا فاعتقدوا أنه فلان الذي شهدوا بموته أو تقلوا ذلك عن شهود أشهدوهم على شهادتهم، فإن البياعات ماضية إذا تغيرت في يد مشريها، وإن لم تتغير فللقادم الذي شُهِد بموته أن يأخذها من يد مشتريها بعد أن يدفع إليه الثمن.
وأما زوجته فترد إليه في القسمين جميعًا، تعمدوا الزور في شهادتهم أو كانوا شبّه علمهم، فأمضى العتق في المدونة إذا كان الشهود شبه عليهم، ولم