ولو كانت الدار إذا انهدمت بقي من نقْضها ما يَوفّي بالنقد الذي يأخذه المستحق لارتفعت علّة التخوّف منه، وكان من حقه أن يأخذ النقد.
وإذا تقرر أنه بالخيار بين أن يجيز العقد أو يفسخه، فإنه بأن (?) لا يُمضي العقدَ إلا بعد علمه بمقدار ما ينوب ما مضى من شهور السنهّ التي لا حق له في غلتها وما ينوب المشهور التي تبقى من السنة التي يستحق هو غلّتها, لأنه إذا أجاز ذلك صار (?) ملك الفسخ فاستأنف الإجارة بثمن مجهول. وهذا الأصل مختلف فيه: يمنعه ابن القاسم، ويجيزه غيره.
وكذلك الخلاف في جمع رجلين سلعتيهما في عقد واحد من غير معرفة كل واحد منهما ما ينوبه من الثمن. وعلى هذا خرج الاشياخ الاختلاف في هذه المسألة من إلاختلاف في جمع السلعتين.
وكان بعض أشياخي يرى أن هذه المسألة ليست كمسألة جمع السلعتين، لأن هذا إذا أجاز عقدَ المُكري، فكأنه صار وكيلا له، والوكيل له أن يبيع بثمن لا يعرف حدَّه الموكِّل، لا سيما علي القول بأن المترقَّبات إذا وقعت فإنه يُقَدَّرُ وقوعها يوم الأسباب التي انقضت أحكامها، وإن تأخرت الأحكام عنها، وقد قدمنا هذا مرارا.
ومما ينخرط في هذا السلك مكتري دار فاستُحقت منها بيت، أو استُحق منها جزء معلوم، كنصفها أو ثلثها مما يلحق المتكرىَ ضررُ باستحقاقه ومشاركته في السكنى، فإن المكرّي إذا كان له الردّ فلا تنبغيّ له الإجازة إلا بعد أن يَعلم مقدار ما يلزمه فيما يستحقُّ، على أحد القولين اللذين ذكرناهما الآن.
وقد وقع في المدونة في هذا السؤال، لغير ابن القاسم أنه لو استُحق نصف الدار أو ثلثها لم يكن للساكن أن يتمسّك بما بقي لأنه يكون تمسَّكَ بمجهول.