والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إن الله سبحانه أمر القائم إلى الصلاة بطهارة الماء، وجعل طهارة التراب بدلًا منها عند العدم. فيجب أن تسد مسدها. فلما كانت طهارة الماء ترفع الحدث كان بدلها مثلها. ولما رأى الآخرون ما حكاه بعض أصحابنا من أنه لا خلاف في أن المتيمم إذا وجد الماء اغتسل، دل ذلك على أن حدثه لم يرتفع. إذ لو ارتفع لما لزمه الغسل. كمن اغتسل لجنابة فإنه لا يلزمه الغسل إلا بجنابة أخرى. وينفصل الأولون عن هذا بأن يقولوا: إنما يرفع التيمم الحدث إذا كان صحيحًا. ومن شرط صحته عدم الماء. فإذا وجد الماء بطل التيمم أصلًا، وصار كمن لم يتيمم. ومن لم يتيمم ولا اغتسل لم يرتفع حدثه. فإنما يقول إنه يرفع الحدث بشرط استصحاب حال عدم الماء الذي باستصحابه يصح التيمم. وهذه مسألة مع كثرة بحثي عنها (?) لم أجد لهذا الاختلاف تحقيقًا، كما تقتضيه عبارة مطلقيه. وذلك أنهم إذا كانوا متفقين على أنه إذا وجد الماء اغتسل، فالحدث لم يرتفع ارتفاعًا مطلقًا.
وإذا كانوا متفقين على أن الصلاة مباحة فلا يصح القول بأن الحدث لم يرتفع.
إذ الصلاة لا تصح من المحدث. ولولا أنه طهور (?) -كما قال الله تعالى: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} (?)، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا (?) - لم تستبح به الصلاة لقوله: لا صلاة إلا بطهور (?). فلم يبق لهذه العبارة التي أطلقها الأيمة فيما لا يحصى من الكتب كثرة، حقيقة. لكن اشتهر اختلافهم في الجمع بالتيمم بين صلوات. وجعلوا هذا أحد ثمرات الخلاف (?).
لكون (?) التيمم رافعًا للحديث كما قاله القاضي أبو محمَّد. وهذا إنما التحقيق